معنى شهادة أن محمداً رسول الله الذي إذا فهمها العبد وعمل بها أصبح محققاً لهذه الشهادة والتي لا يقبل إسلامه وإيمانه إلا بها .
وشهادة أن محمداً رسول الله تتضمن أموراً عدة :
1. الإيمان برسالته وأنها من عند الله حقاً وصدقاً :
كما قال جل وعلا : يا أيها الذين أمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزّل على رسوله والكتاب الذين أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً النساء [136].
2. الإيمان بعموم رسالته للجن والإنس وللعرب والعجم :
كما قال سبحانه : قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الأعراف [158].
وكما قال جل وعلا : وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً سبأ [28].
3. الاعتقاد بختم رسالته ونبوته :
فهو خاتم الأنبياء والمرسلين ورسالته خاتمة الرسالات وهي الناسخة والمهيمنة على ما قبلها من الرسالات ولا يقبل من أحد ديناً إلا الدين الذي جاء به محمد وببعثته ورسالته بطلت كل الرسالات فلا شرع إلا شرعه ولا دين إلا دينه .
قال سبحانه : ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين الأحزاب [40].
4. طاعته فيما أمر والانتهاء عما نهى عنه وزجر :
كما قال جل وعلا : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهواالحشر[7].
وكما قال سبحانه : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم النساء [59].
وكما قال جل وعلا : من يطع الرسول فقد أطاع الله النساء [80].
وطاعته مستقلة فلو جاء أمر عن رسول الله ولم يرد في كتاب الله لو جب الإيمان به وطاعته في ذلك ، فقد جاء في الحديث الصحيح عنه : ( لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته ..
فالرسول طاعته إيمان وحق واجب ومن أنكر ذلك لم يكن مسلماً ولا مؤمناً .
5. تصديقه فيما أخبر :
لأنه لا ينطق عن الهوى بل هو وحي من الله ولا يقول إلا حقاً وصدقاً كما قال جل وعلا : وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى النجم[3-4].
6. اتباعه والعمل بسنته في كل ما شرع الله عز وجل :
لا يقبل أي عمل لأي إنسان إلا بشرطين :
الأول : أن يكون خالصاً لوجه الله كما قال سبحانه : وما أمروا ألا ليعبدوا الله مخلصين له الدين البينة[5]، وكما قال : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى) ( )
الثاني : أن يكون على وفق ما شرع رسول الله فلا يقبل العمل إلا إذا كان على هدي النبي فلا طريق إلى عبادة الله إلا من طريقه ومن تعبد بغير ما شرع الله فهو مردود عليه كما قال : (من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد) وفي رواية: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )
فمن ظن أنه إذا زاد في العبادة أو في السنن الثابتة عن رسول الله أنه مأجور فهو على خطر عظيم لأن الله أكمل به الدين وأتم به النعم فالذي يتعبد الله بعمل لم يسنه الرسول كأنه يستدرك على الله ورسوله, أو يتهم رسول الله بأنه لم يبلغ الدين حق البلاغ .
فيا عبد الله يا من رضيت بالله رباً مشرعاً وبرسول الله نبياً وهادياً وبالإسلام ديناً ومنهجاً إياك أن تعبد الله بأي طاعة لم يأذن بها الله ورسوله فإنك إن فعلت وقعت في البدعة جاءت نصوص الشرع بذمها والتحذير منها.
7. محبته وتقديمها على محبة النفس والأهل والولد والمال والناس أجمعين:
إن المحبة الحقيقية لا تكون باللسان فقط بل لا بد أن تكون مستقرة في القلوب وتصدقها الأعمال وليعلم أن محبته واجبة ومن لم يحبه فهو منافق غير مؤمن الإيمان الصحيح .
قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين
وأبرز علامة وأصدقها هو اتباعه في كل شؤون الحياة كما قال جل وعلا : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم آل عمران[31].
ومن علامة محبته التفقه في سنته ونشرها وتعليمها وتربية الناس عليها , بدأً من أهل بيتك ومن حولك , ودراسة سيرته ومنهج دعوته واتخاذها القدوة والنبراس في حياتنا ودعوتنا ، إن هذا هو البرهان الحقيقي على صدق محبة النبي .
8. تقديم قوله ورأيه على كل قول ورأي :
كما قال الله سبحانه :يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله الحجرات [1].
والواجب على كل مؤمن إذا بلغه عن رسول الله أمراً وحكماً أن يعمل به ويقدمه على كل أمراً وحكم فيقدمه على رأي الناس وهواه وشهوته وكذلك على قول البشر وحتى من ينسب للعلم إن كان ممن يميز بين المسائل والأحكام فإنه لا يجوز لأحد إذا استبانت له سنة رسول الله أن يعدل عنها لقول أحدٍ كائناً من كان .
9. تحكيم سنته في كل شؤون الحياة :
كما قال جل وعلا : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً النساء[65].
وهذه آية عظيمة توضح للمؤمن عظم منزلة تحكيم سنته وشرعه والله سبحانه أقسم بنفسه بأن الإيمان منفي عمن لم يحكم سنته وكفى به واعظاً .